الوصف
«إذا جاز تلخيص هذه الرواية بسطرٍ واحد فيمكن القول إنها تدور حول ثيمة رئيسة متخيَّلة هي «تركي قومي متشدد يستيقظ ذات صباح فيجد نفسه كردياً… ». وهي جملة بسيطة جداً وغير كافية بالتأكيد لفهم أبعاد رواية ضخمة كـ«غزو الظلام» لكنها كافية لتفتح -أمام كل من يعرف طبيعة العلاقة الشائكة والخصومة المزمنة بين الترك والكرد- أبواباً لا نهائية لاحتمالات قد يستطيع تخيّل بعضها ويعجز عن تخيّل بعضها الآخر؛ لما في تلك الشرارة البسيطة من أنوار باهرة وحرائق هائلة وما سيتفرع عن تلك العقدة من مفارقات وحوادث.
في «غزو الظلام» لعبة زمنية مُتعبة ولكن مُمتِعة تنتقل بالقارئ من مكان وزمان محددين إلى زمان ومكان آخرَين بفاصل ينوف على ثلاثين سنة هو الفاصل بين المحددات (الشخصية والعامة) الخاصة بطفولة الأبطال وتلك الخاصة ببلوغهم ورجولتهم. الخطان الزمنيان منفصلان ظاهرياً لكنهما ملتفّان بشكل حلزوني على بعضهما بعضاً ومتماسّان بحرفية عالية في تفاصيل محورية خفيّة تكشف، كلما أوغلتَ في مجاهل الرواية، حجم التداخل والاشتباك الصعب والمعقّد للغاية، الذي يتطلّب فكّه من القارئ تركيزاً في حدوده القصوى لا يقلُّ عن ذلك الذي بذله الكاتب في تركيبه.
«غزو الظلام» ليست سرداً تاريخياً موثقا وجافاً ولا هي خيال محض وتلفيقة مسلّية لتزجية الوقت، إنها وثيقة مكتوبة بقطرتين، واحدة من دم وأخرى من عرق، مقدَّمة إلى مقام محكمة التاريخ حيث القاضي ليس شخصاً واحداً والحكم للضمير لا للقانون.»